تصرفات إسرائيل في غزة تشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية

في واحدة من أشد الإدانات الصادرة من بروكسل ضد إسرائيل، قالت نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، تيريزا ريبير، إن ما يتعرض له سكان قطاع غزة يشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية.

وفي تصريحات أدلت بها لصحيفة "بوليتيكو"، أوضحت ريبيرا أن"ما نشهده هو استهداف مباشر لسكان محددين، يقتلون ويتركون ليموتوا جوعا. شعب محاصر بلا مأوى، حيث تدمر منازله، وبلا غذاء أو ماء أو دواء، إذ يمنع من الحصول عليها، ويتعرض للقصف وإطلاق النار حتى أثناء محاولاته الحصول على المساعدات الإنسانية. لا إنسانية حاضرة، ولا يسمح بوجود شهود عيان".

وأضافت: "إذا لم يكن هذا ما يعرف بالإبادة الجماعية، فإنه يشبه بشكل كبير التعريف المعتمد لهذا المصطلح".

وتواصل إسرائيل نفيها لاتهامات الإبادة الجماعية. وتصر الحكومة الإسرائيلية على أنها تخوض "حربا دفاعية ضد حركة حماس، وتتهمها باستخدام سكان غزة كدروع بشرية".

ورغم هذه التصريحات الحادة من ريبيرا، لم تعتمد المفوضية الأوروبية كمؤسسة رسمية توصيف "الإبادة الجماعية" على ما يجري في غزة.

وفي الأسابيع الأخيرة، برزت مواقف أوروبية أكثر تشددا تجاه إسرائيل، مدفوعة بتحذيرات متزايدة من المجاعة في القطاع، واستهداف مواقع توزيع الغذاء، وتصاعد التهديدات من حكومة بنيامين نتنياهو بمزيد من التصعيد.

لكن منتقدي السياسات الإسرائيلية، ومنهم ريبيرا، يشعرون بالإحباط إزاء غياب إجراءات ملموسة من قبل الاتحاد الأوروبي للضغط نحو وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب.

وقد عارضت دول مثل ألمانيا وإيطاليا وأخرى داخل الاتحاد الأوروبي حتى المقترحات الرمزية التي تهدف إلى معاقبة إسرائيل، مثل تعليق بعض أشكال التعاون البحثي.

ودعت ريبيرا إلى النظر في تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وهي الأساس القانوني للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين.

واقترحت أن تتاح للدول المعارضة لهذه الإجراءات فرصة التعبير عن اعتراضها من خلال الامتناع عن التصويت على القرارات، بما يسمح بتمريرها من قبل الأغلبية دون عرقلة.

وقالت ريبيرا: "الإجماع لا يعني دائما الحماس بالإجماع. أحيانا، يعني إيجاد مساحة للتحرك مع احترام مخاوف الذين يشعرون أنهم محاصرون. هل يمكننا اتخاذ قرار بتعليق اتفاقية الشراكة و/أو اتخاذ تدابير أخرى من خلال قرار بنّاء بعدم الاعتراض؟".

وأوضحت أن فرض عقوبات يتطلب إجماعا كاملا داخل الاتحاد الأوروبي، لكن إذا مضى نتنياهو في تنفيذ خططه بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة، كما تشير تقارير الأيام الأخيرة، فإن على المجتمع الدولي والدول المنفردة "أن تستخدم الوسائل التي من شأنها أن تساهم في العودة إلى الامتثال".

وأضافت: "ما قيل وفُعل من قبل السلطات الإسرائيلية يتجاوز بكثير حدود القانون الدولي".

لكن ألمانيا، في الوقت الراهن، تصر على مواصلة الحوار مع إسرائيل بدلا من اللجوء إلى العقوبات.

وقالت ريبيرا، وهي إسبانية، إحدى الدول التي اعترفت بدولة فلسطين العام الماضي، إن هذا الاعتراف يمثل خطوة إيجابية لكنه غير كاف. وأضافت: "الاعتراف خطوة مهمة للأمام، لكنه لا يكفي لتحقيق السلام والاستقرار والاحترام. ويبدو أن تحقيق ذلك سيتطلب تدخلًا دوليًا عميقًا وطويل الأمد".

وأكدت أن استمرار الجمود السياسي لن يؤدي فقط إلى بقاء الفلسطينيين تحت وطأة ظروف لا تُحتمل، بل سيقوّض كذلك الأسس الأخلاقية والسياسية التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي.

واختتمت بالقول: "هذا النوع من الشلل لا يولد سوى خيبة الأمل، ويخلق بيئة خصبة للسخرية والشعبوية. نحتاج إلى إثبات أن أوروبا ليست مجرد مجموعة من المؤسسات، بل مشروع سياسي وأخلاقي يمتلك الشجاعة الكافية للتحرك عندما تكون حياة البشر على المحك

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024