( الحقيقة نيوز ) بقلم - فضل القطيبي
في خضم التحولات السياسية التي يعيشها وطننا، يواجه الجنوبيون سؤالًا جوهريًا لا يمكن تجاهله: ماذا لو سقط المجلس الانتقالي الجنوبي وقيادته؟ من البديل القادر على حمل قضية الجنوب بصدق وإخلاص؟ التجارب من حولنا كثيرة، وأقربها ما حدث في الشمال، حين سقط حزب المؤتمر الشعبي العام والإصلاح، فسقطت معهما دولة ومشروع، وتحولت الساحة إلى فوضى وهيمنة الميليشيات، وتلاشى الحضور السياسي والوطني لمن كانوا في يومٍ ما يمثلون قوة كبرى.
إن من يعتقد أن سقوط الكيانات السياسية لن يؤثر، وأن الجنوب سيبقى كما هو، مجرد جغرافيا ثابتة، فهو واهم.
ان التاريخ القريب يخبرنا أن الأوطان لا تُبنى بالفراغ، وأن الانقسام والشتات أخطر من العدو الخارجي.
الجنوب اليوم استعاد جزءًا كبيرًا من كرامته وقيمته السياسية بفضل وجود قيادة موحدة تمثلت في المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة القائد عيدروس الزبيدي، الذي أصبح رمزًا وطنيًا اجتمع حوله الجنوبيون على اختلاف انتماءاتهم، رغم الأخطاء والتجاوزات التي لا ينكرها أحد.
عيدروس الزبيدي لم يكن مجرد قائد عابر، بل كان رجلًا وقف أمام كل الإغراءات والضغوط، ورفض أن يتنازل عن مبادئه أو يتخلى عن أهداف شعبه، وهي مواقف لا تُشترى ولا تُصنع. صحيح أن هناك أخطاء حدثت ، ولكن هذه الأخطاء لا تعني أبدًا أن نبدأ في هدم ما بُني، أو أن نفتح ثغرات في جدار البيت الجنوبي الواحد.
المطلوب اليوم أن نكون أكثر وعيًا، لأن خصوم الجنوب لم يستطيعوا كسره في الميدان، فتحول رهانهم إلى الداخل، إلى الفتنة والانقسام، إلى بث الشكوك وضرب الصف الوطني الجنوبي من الداخل.
لهذا، يجب أن يكون ردنا هو تعزيز التماسك، وتصحيح الأخطاء من الداخل، لا من خلال الانسحاب أو التخلي أو التناحر.
إن مستقبل الجنوب مرهون بوعي أبنائه، وبقدرتهم على حماية مكتسباتهم، والدفاع عن مشروعهم الوطني. فلا قائد معصوم، ولا كيان كامل، لكن الهدم ليس خيارًا، والفراغ ليس حلًا.
فإما أن نواصل الطريق بتصحيح الأخطاء وتعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية، أو نكرر تجارب السقوط والضياع التي لن ترحم أحدًا.