/ تقرير/ فاطمة اليزيدي:
الرئيس الزُبيدي: “تشغيل مصافي عدن واستعادة دورها الحيوي يمثل أولوية وطنية لا تقبل التأجيل.”
المدير التنفيذي للمصفاة: “الوحدات الإنتاجية ستدخل الخدمة تدريجيًا خلال الأسابيع القادمة.”
مراقبون: “خطوات الزُبيدي رسالة للعالم بأن الجنوب يمضي بثبات نحو استعادة اقتصاده وبناء مؤسساته على أسس مهنية صلبة.”
من النقل والتوزيع إلى فرص العمل والإيرادات العامة.. تشغيل المصفاة يمثل أفقًا اقتصاديًا جديدًا.”
رؤية استراتيجية وقرار جريء يعيدان الحياة إلى مفاصل الدولة ويفتحان آفاق التنمية والسيادة الاقتصادية. عودة تاريخية للمصفاة
في مشهد وطني واقتصادي يحمل أبعادًا تاريخية عميقة، استعادت مصافي عدن عافيتها بعد سنوات طويلة من التوقف والإهمال والتدمير. هذه العودة لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة جهود مكثفة لإعادة تأهيل الأجزاء الرئيسية من المصفاة وصيانة المعدات المتضررة، إضافة إلى توفير المواد التشغيلية اللازمة، وكل ذلك بفضل إرادة كفاءات محلية وخبرات هندسية ظلت متمسكة بالأمل رغم الصعوبات المتراكمة.
ويرى مراقبون أن تشغيل المصفاة مجددًا يمثل نقطة تحول بارزة في مسار استعادة البنية التحتية الحيوية، كما يشكل خطوة أولى على طريق إعادة الدور التاريخي لهذا المرفق الاقتصادي الاستراتيجي، مع خطط مستقبلية للتحديث والتوسعة تُمكّن المصفاة من تلبية احتياجات السوق المحلي، وتقليل الاعتماد الكبير على الاستيراد الخارجي للمشتقات النفطية. الزُبيدي يتابع التفاصيل عن قرب
لم يكن هذا الإنجاز ليحدث لولا المتابعة المباشرة للرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة، الذي عقد اجتماعًا موسعًا في مقر شركة مصافي عدن بحضور قيادة وزارة النفط وإدارة الشركة.
ناقش الرئيس خلال الاجتماع كافة التفاصيل المرتبطة بجهود إعادة تشغيل المصفاة والقطاعات النفطية الأخرى، واطلع على مستوى تنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة العليا للإيرادات السيادية والمحلية، لاسيما تلك المتعلقة بتأمين التمويل اللازم للتشغيل. كما استعرض مع المهندس أحمد مسعد سعيد، المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن، نتائج المخاطبات مع الشركة الصينية المنفذة لمشروع محطة الطاقة الخاصة بالمصفاة، وخطط استكمال تركيبها وتشغيلها في أسرع وقت ممكن، بما يعزز من قدرة المصفاة على العمل بكامل طاقتها الإنتاجية. أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل
شدد الرئيس الزُبيدي خلال الاجتماع على أن تشغيل مصافي عدن واستعادة دورها الحيوي يمثل “أولوية وطنية قصوى” لا تقبل التأجيل، مؤكدًا أن وزارة النفط نجحت بالفعل في توفير ستة آلاف برميل من النفط الخام يوميًا لتكريرها داخل المصفاة كمرحلة أولى. وأوضح أن هذه الكمية ستمثل نواة لمرحلة جديدة تساهم في تشغيل محطات الكهرباء بالعاصمة عدن، وتخفيف الأعباء عن المواطنين في ظل أزمة الطاقة المستمرة.
كما وجه الزُبيدي بضرورة الإسراع في إنجاز كافة الإجراءات المالية والفنية المتعلقة بمشروع محطة الطاقة، وأكد على حصر استيراد المشتقات النفطية عبر الموانئ الرسمية المرخصة فقط، مع ضبط عمليات التوزيع الداخلي بواسطة شركة النفط، بهدف قطع الطريق أمام أي ممارسات عشوائية أو غير قانونية تضر بالاقتصاد الوطني. مصافي عدن.. شريان اقتصادي استراتيجي
أوضح الرئيس الزُبيدي أن مصافي عدن ليست مجرد منشأة صناعية، بل هي شريان اقتصادي استراتيجي يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني. وأكد أن القيادة الجنوبية تقف بكل ثقلها إلى جانب كوادر المصفاة، داعمة جهودهم لإعادة تشغيل هذا المرفق الوطني، معتبرًا أن ما يقومون به يعكس روح الانتماء الوطني والحرص على المصلحة العامة.
بدورهم، اعتبر العاملون في الشركة أن زيارة الرئيس الزُبيدي ودعمه المباشر يمثل دافعًا قويًا لمضاعفة الجهود، ويمنحهم حافزًا معنويًا كبيرًا لمواصلة العمل حتى استعادة المصفاة لدورها الحيوي في الاقتصاد المحلي. متابعة ميدانية وليست بروتوكولية
ما ميز تحركات الرئيس الزُبيدي هو أن متابعته لم تكن شكلية أو بروتوكولية، بل اتسمت بالطابع الميداني المباشر. وهو ما اعتبره ناشطون جنوبيون نهجًا جديدًا في إدارة الملفات الاستراتيجية، حيث أكدوا أن اهتمام الرئيس بالمصفاة يعكس رؤية واضحة لبناء مؤسسات الدولة على أسس عملية ومهنية.
وأشاروا إلى أن هذه المتابعة المباشرة تعزز من الثقة الشعبية في القيادة، وتؤكد أن الجنوب ماضٍ بخطوات ثابتة نحو بناء اقتصاد متين ومستقل قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. تحركات تربك الخصوم
أكدت مصادر سياسية مطلعة أن التحركات المتسارعة للرئيس الزُبيدي في الملف الاقتصادي لم تمر مرور الكرام على خصومه، سواء في الداخل أو الخارج، إذ أربكت حساباتهم وأفشلت محاولاتهم لاستخدام الاقتصاد كورقة ضغط سياسية.
ورغم الضغوط الكبيرة التي مورست ضده وضد كيانه السياسي، ظل الرئيس الزُبيدي ثابتًا في مواقفه، مستمدًا قوته من الحاضنة الشعبية الجنوبية التي منحته التفويض الكامل لقيادة مشروع استعادة الدولة الجنوبية. ويجمع المراقبون على أن مكانة الزُبيدي السياسية باتت اليوم أكثر رسوخًا، وأن تحركاته في ملف المصفاة أثبتت جديته في حسم الملفات الاقتصادية المعقدة. خطوات عملية للتشغيل
من جانبه، كشف المهندس أحمد مسعد سعيد، المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن، أن العمل يسير بخطوات متسارعة لإدخال الوحدات الإنتاجية للخدمة خلال الأسابيع القادمة. وأوضح أن المشروع يسير على مسارين متوازيين: الأول استكمال بناء محطة الطاقة المركزية (الباور هاوس)، والثاني إعادة تأهيل الوحدات المصغرة بطاقة إنتاجية أولية تبلغ ستة آلاف برميل يوميًا.
وأضاف أن خطة التشغيل تتضمن إدخال وحدة الإسفلت للخدمة أولًا، تليها وحدة التقطير الفراغي، ثم وحدة تكرير النفط الخام، مبينًا أنه عند تشغيل المصفاة بكامل طاقتها ستتمكن من تكرير ما يصل إلى 150 ألف برميل يوميًا من النفط الخام وتحويله إلى مشتقات نفطية عالية الجودة، الأمر الذي سيحدث نقلة نوعية في الاقتصاد المحلي. أفق اقتصادي جديد
لا تقتصر أهمية تشغيل المصفاة على البعد الفني أو الصناعي فحسب، بل تمتد لتشمل مختلف جوانب الاقتصاد الوطني. فهي ستسهم في خفض كلفة الاستيراد، وتوفير مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فضلًا عن تعزيز إيرادات الدولة عبر توريد عوائدها إلى الخزينة العامة.
ويعتبر خبراء الاقتصاد أن هذه الخطوة تمثل بداية مشجعة لإحياء بقية المنشآت الاستراتيجية في الجنوب، خاصة في ظل الأزمة الخانقة التي يعانيها قطاع الطاقة وارتفاع أسعار الوقود عالميًا. ويؤكدون أن إعادة تشغيل المصفاة ستمنح الاقتصاد الوطني متنفسًا جديدًا، وتضع أسسًا لمرحلة أكثر استقرارًا. الخلاصة
إن عودة مصافي عدن للعمل تمثل إنجازًا استراتيجيًا بكل المقاييس، فهي ليست مجرد حدث اقتصادي، بل رسالة سياسية مفادها أن الإرادة الوطنية قادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وصون مقدراتها. هذه العودة تعكس تلاقي الإرادة السياسية مع الرؤية الاستراتيجية والقرار الجريء، وتؤكد أن الجنوب ماضٍ في استعادة سيادته على ثرواته وبناء مؤسساته على أسس راسخة ومستدامة.
وبذلك، فإن تشغيل المصفاة يعد محطة مفصلية تحمل دلالات اقتصادية وسياسية عميقة، وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة من التنمية المستدامة، ترسخ الاستقرار وتعيد الاعتبار لمكانة الجنوب كقوة اقتصادية فاعلة في المنطقة