كشف إعلام فرنسي عن قيام جماعة مرتبطة بالحزب الحاكم في الصين بإنشاء ما يشبه مراكز شرطة سرية على الأراضي الفرنسية في خطوة أثارت جدلا ومخاوف من تداعياتها، وسط اتهامات للصين باستخدام هذه المراكز كأداة لملاحقة معارضيها في الخارج ومراقبة الجالية الصينية.
ووفق ما نقلته صحيفة «لاكروا» الفرنسية، فإن هذه المراكز، التي تعمل تحت غطاء إداري غير رسمي، تُدار ضمن سياسة منظمة تُعرف باسم «جبهة العمل الموحد» التابعة للحزب الشيوعي الصيني، وهي موجهة لضبط أفراد الشتات الصيني والتأثير عليهم، بل وأحيانا إجبارهم على العودة قسرا إلى الصين.
وكانت تحقيقات برنامج «المبعوث الخاص» على قناة «فرانس 2» ومجلة «تشالنجز» كشفت، في مايو 2024، عن وجود مراكز شرطة صينية سرية على الأراضي الفرنسية.
بدورها، أكدت المديرية العامة للأمن الداخلي الفرنسية رصد 9 من هذه المراكز السرية في فرنسا منذ 2022، موضحة في رد على استجواب تقدمت به كونستانس لوغريب، النائبة الجمهورية، أن «عدة إجراءات اتُخذت لإغلاق هذه الهياكل أو تعطيل نشاطها»، وأن السلطات الصينية استجابت في وقت لاحق بإصدار تعليمات لتجميد أنشطتها.
وتشير «لاكروا»، أنه رغم هذه التدابير لا تزال هذه المراكز تمثل مصدر قلق للسلطات الفرنسية والمنظمات الحقوقية، بالنظر إلى طابعها الشبكي غير الرسمي، فغالبا ما يديرها أفراد من الجالية الصينية، كأصحاب متاجر أو رؤساء جمعيات، ويقتصر عدد العاملين بها على 4 أو 5 أشخاص في بعض الأحيان.
وأكملت الصحيفة الفرنسية، أن الهدف المعلن لهذه المراكز هو تقديم الخدمات القنصلية للمواطنين بالخارج، مثلما حدث خلال جائحة كورونا حين واجهت السفارات ضغطا غير مسبوق.
مراقبة المعارضين
في حين، يعتبر الباحث، سيمون مينيه من مؤسسة البحث الاستراتيجي الفرنسية، أن الوظيفة الحقيقية لهذه المحطات تكمن في مراقبة المعارضين السياسيين وجمع المعلومات عنهم، بما يشمل أنصار الديمقراطية ودعاة استقلال تايوان وأبناء أقليات مثل الإيجور والتبتيين، فضلا عن أتباع حركة «فالون جونج».
وتشير «لاكروا»، إلى أن أبرز ما يثير الجدل عن هذه المراكز هو تورطها المحتمل في عمليات «إعادة قسرية» لمواطنين صينيين من الخارج، بعيدا عن الأطر القانونية الرسمية، ففي مارس 2024، سلط برنامج «المبعوث الخاص» الضوء على محاولة لإعادة معارض شاب يُدعى لينغ هوا تشان من مطار شارل ديجول إلى الصين، قبل أن تفشل العملية بفعل تدخل محامين وحقوقيين.
ويُعتقد أن هذه المراكز تلعب دور الوسيط بين الاستخبارات الصينية والجالية، عبر تزويد عملاء بكين بالمعلومات اللازمة لتنفيذ مثل هذه العمليات.
ووفقا لمنظمة «سيفجارد ديفندرز» الفرنسية، جرى توثيق أكثر من 100 مركز شرطة صيني في العالم بحلول نهاية عام 2022، موزعة على 53 دولة، بينما لم يتجاوز عدد المراكز في فرنسا 4 مراكز حينها، ارتفع هذا الرقم إلى 9 عام 2025، في مؤشر واضح على تنامي هذا النفوذ وتوسع رقعته الجغرافية، رغم الجهود الأمنية الرامية إلى تقييده