تقرير خاص :المجلس الانتقالي الجنوبي أمام مجلس الأمن… وانهيار آخر أوراق “الشرعية”

| تقرير: فاطمة اليزيدي :
في خضم مشهد سياسي معقد ومتشابك، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كأحد الركائز الأساسية التي يستند إليها تطلع شعب الجنوب نحو استعادة دولته المستقلة وكرامته الوطنية، ضمن حدود ما قبل عام 1990. وبينما يواصل المجلس تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض، تزداد أهمية دعم هذه المكاسب وتعزيزها، بدلاً من الانجرار إلى انتقادات غير بناءة قد تعيد القضية الجنوبية إلى المربع الأول، وتمنح فرصة جديدة للقوى التي تسعى إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وعلى رأسها جماعات الحوثي وتنظيمات الإصلاح ذات التوجه الإرهابي.
إعلان الإدارة الذاتية… نقطة تحوّل على طريق استعادة الدولة
مع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي للإدارة الذاتية، دخلت القضية الجنوبية مرحلة جديدة ومفصلية. هذا الإعلان، الذي شكّل صدمة مدوية لحكومة الشرعية، مثّل خطوة استراتيجية أولى نحو استعادة الدولة، وسرعان ما تجاوز صداه الأطر المحلية، ليصل إلى قاعات مجلس الأمن الدولي والعواصم الإقليمية والدولية الكبرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. في المقابل، عجزت حكومة الشرعية عن حشد الدعم الدولي لإفشال هذه الخطوة، لتفقد بذلك ما تبقى من أوراقها السياسية والإدارية.
من الحراك الثوري إلى المشروع الوطني
شهد الجنوب خلال الفترة الماضية تحولات سياسية كبرى، تمثلت بتمكين المجلس الانتقالي كقوة تمثيل سياسية رئيسية في الجنوب، تقف على قدم المساواة مع بقية الأطراف اليمنية الفاعلة. برزت قيادة المجلس الانتقالي في المحافل المحلية والدولية، حيث نجحت في تشكيل خارطة سياسية واضحة، وتعزيز شراكاتها مع التحالف العربي، وإثبات قدرتها على خوض مفاوضات سياسية ذات وزن.
تحجيم التنظيمات الإرهابية ومواجهة التخادم الحوثي-الإخواني
أكد مراقبون أن القوات المسلحة الجنوبية، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، قد أحرزت تقدماً ميدانياً مهماً في مواجهة المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية، عبر خطة أمنية تهدف إلى تأمين المحافظات الجنوبية وتضييق الخناق على تحركات القوى المتطرفة. ورغم هذا التضييق، استمرت بعض هذه الجماعات في تنفيذ هجمات إرهابية استهدفت عدن، لحج، الضالع، شبوة وأبين، في محاولات يائسة لإرباك المشهد الأمني والسياسي.
الحرب الإعلامية… معركة الوعي
تعرض المجلس الانتقالي الجنوبي لحملات إعلامية مكثفة تهدف إلى تشويه صورته وتقويض إنجازاته. وتُعد هذه الهجمات جزءاً من حرب إعلامية منظمة، تستوجب من أبناء الجنوب مزيداً من الوعي والجهوزية لمواجهة التضليل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، بما يعكس حقيقة ما يجري على الأرض.
الأوضاع الإنسانية… رسالة من البرلمان البريطاني
في اجتماع رفيع المستوى بالبرلمان البريطاني، ضم عدداً من أعضاء مجلس العموم ومدير العلاقات الخارجية في الحكومة البريطانية، قدّم الدكتور عبد الجليل شائف، ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي في سويسرا، إحاطة شاملة حول الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها شعب الجنوب. وأكد خلال مداخلته على تطلعات الجنوبيين لاستعادة دولتهم، ودعا المجتمع الدولي، وعلى رأسه المملكة المتحدة، إلى دعم تسوية عادلة وشاملة للقضية الجنوبية. وقد لقي الاجتماع تفاعلاً إيجابياً، حيث أبدى عدد من النواب اهتماماً خاصاً بالقضية والأوضاع الإنسانية في الجنوب.
الملف الاقتصادي… تحديات وآمال
لا ينكر أبناء الجنوب صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها محافظاتهم، نتيجة استمرار هيمنة قوى في حكومة الشرعية فشلت مراراً في تقديم حلول ناجعة. ومع ذلك، يؤكد المجلس الانتقالي التزامه بوضع خطة تنموية واقعية لتخفيف معاناة المواطنين، واضعاً تحسين الظروف المعيشية ضمن أولوياته، رغم التحديات الداخلية والضغوط السياسية والاقتصادية المتعددة.
دعوة لتوحيد الصف الوطني
يرى ناشطون وسياسيون جنوبيون أن المرحلة الراهنة تتطلب مزيداً من التكاتف والتلاحم بين القيادة والشعب. فالوحدة الوطنية الجنوبية تمثل حجر الأساس لتحقيق تطلعات الجنوب، واستكمال مسيرة التحرر والاستقرار، بعيداً عن محاولات بعض الأطراف الشمالية فرض مصالحها على حساب أبناء الجنوب. ويؤكدون أن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي شكّل الخطوة الأولى على طريق الألف ميل نحو استعادة الدولة.
تضحيات الشهداء وقود الطريق نحو الدولة
يؤمن الشارع الجنوبي بأن المجلس الانتقالي يجسد الحلم الوطني ويعبّر عن تطلعات الشعب. فرغم التحديات، يظل المجلس هو الكيان الأكثر قدرة على قيادة الجنوب نحو مستقبله المنشود. ويبقى الحفاظ على المكتسبات الوطنية، واستكمال النضال، واجباً مشتركاً، تسنده تضحيات الشهداء الذين كتبوا بدمائهم الطريق نحو الدولة الجنوبية المستقلة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024