| كتب: نهى رجب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - صورة أرشيفية
تناول الكاتب الصحفي الأمريكي، إريك ويمبل، في مقال نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، الأمريكية، ظاهرة ندم الناخبين، الذين دعموا الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات السابقة، ثم شعروا بخيبة أمل أكثر بعد انتخابه مجددًا لعام 2024.
وتحدث «ويمبل»، في مقاله قائلًا: «إن أبرز قصة تظهر ندم مؤيدو ترامب من العرب، هي قصة إبراهيم الدهيني، وهو أمريكي من أصل عربي من ولاية ميشيجان الأمريكية، والذي عبر عن خيبة أمله بعد مشاهدة فيديو ترويجي لمشروع «ترامب غزة»، يُظهر الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو في مشهد ساخر وسط الدمار في قطاع غزة.
وقال الدهيني: «عندما جاء ترامب إلى ديربورن (مدينة في ميشيجان)، وعد بتحقيق السلام، ولم يقل شيئًا كهذا من قبل، في إشارة إلى وعود دونالد ترامب بإنهاء الحرب على غزة.
واعتبر ويمبل، تصريح «الدهيني»، بأنه لافتًا ليس فقط لكونه نقدًا صريحًا من مؤيد سابق، بل لأنه يتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة السياسية، في أن يعترف شخص علنًا بأنه صدق رجلًا يوصف بأنه من أكثر الرؤساء «كذبًا» في تاريخ الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه أمر لا يفعله كثيرون بسهولة.
وأوضح أن الظهور بهذه الصراحة يعد كشفًا محرجًا، لا يتقدم له إلا من قرر مواجهة الحقيقة علنًا.
ترامب بوفيه من خيبات الأمل!
هذه القصة ليست الوحيدة؛ فقد نشرت وسائل إعلام أمريكية، قصصًا أخرى لمؤيدين سابقين لـ«ترامب»، يشعرون بالخذلان بعد اتخاذه قرارات سياسية غير متوقعة، شاعرين بالندم على دعمهم لهذا الرئيس، مشيرين إلى أن ترامب، بات يشبه «بوفيه»، من خيبات الأمل السياسية.
كانت وسائل إعلام بارزة في الولايات المتحدة، نشرت تقارير تتناول شهادات لمؤيدين سابقين لترامب اكتشفوا لاحقًا أن قراراته وسياساته أضرت بهم بشكل مباشر، أو خالفت توقعاتهم تمامًا، وفقًا لـ«ويمبل».
ومن بين هذه الشهادات، تقرير لشبكة «إن بي آر» الأمريكية، يصف فيه ناخبوا ترامب، بأن عفوه عن عمدة فاسد، بأنه خطأ فادح، ووفقًا لصحيفة «أتلانتا جورنال كونستيتيوشن»، فقد نشرت تقرير في 6 مايو الماضي تحت عنوان «صوتوا لترامب، والآن ابنهم محتجز لدى إدارة الهجرة والجمارك.
في حين نشرت قناة فوكس نيوز الأمريكية في 13 مايو الماضي، تقرير يحمل عنوان «صعود ظاهرة ناخبي ترامب النادمين»، فيما نشرت «سي إن إن» الأمريكية تقرير بعنوان «صوتوا له في 2024، وبعد أشهر طردتهم إدارته، وغيرها من الشهادات التي تفيد بندم من انتخبوا الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية.
وقال ويمبل، إنه بالرغم من تزايد القصص الفردية عن ناخبين ندموا على التصويت لدونالد ترامب، إلا أن البيانات لا تشير حتى الآن إلى وجود أزمة واسعة النطاق من «الندم الانتخابي» في صفوف مؤيديه.
وعلى صعيد ذلك، أجرت جامعة ماساتشوستس في أبريل الماضي استطلاع رأي أشار إلى أن 2٪ فقط من ناخبي «ترامب»، أعربوا عن أنهم نادمون على تصويتهم في انتخابات 2024، وقالوا: إنهم قد يصوتون بطريقة مختلفة لو أُتيحت لهم الفرصة مجددًا، بالمقارنة، كانت نسبة الندم في صفوف من صوتوا لنائبة الرئيس، السابقة كاميلا هاريس أقل وبلغت 1٪ فقط.
ومن جهتها كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، بالتعاون مع إيه بي سي نيوز وإيبسوس، عن أن 94٪ من مؤيدي «ترامب»، اعتبروا دعمهم له هو القرار الصحيح، بينما بلغت نسبة الندم 6٪ فقط، وفي صف «هاريس»، عبر 3٪ فقط عن الندم.
وعلق «ويمبل» على ذلك قائلًا: إن بدت هذه الأرقام ضئيلة، لا تنفي وجود شروخ خفية في الجبهة المؤيدة للرئيس.
القصص حقيقية لكن لا تعني تغييرًا جماعيًا
تابع الكاتب الصحفي بـ«واشنطن بوست»: «أنه رغم الأرقام المحدودة، بدأت وسائل الإعلام بتسليط الضوء على سلسلة من القصص المؤثرة لأفراد دعموا ترامب، ثم تضرروا من سياساته مباشرة، من بينها قصة شابة من ميشجان تبلغ من العمر 24 عامًا وتعمل في دائرة الغابات الأمريكية، فقدت وظيفتها في وقت تزامن مع تراجع ترامب عن وعوده المتعلقة بعلاجات الخصوبة.
وروى مربي نحل من ولاية كارولاينا الشمالية كيف تسببت التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب في خسائر مالية فادحة له، قائلًا: «لم أكن أعتقد أبدًا أنني سأخسر هذا القدر من المال بهذه السرعة».
وأشار ويمبل، إلى أن هذه القصص وغيرها تكشف الأثر الفوري لسياسات ترامب «الصادمة» – على حد تعبير أحد الصحفيين – والتي لا تمر بهدوء، بل تُحدث اضطرابات شخصية واجتماعية مباشرة، كما أنها تكشف فجوة بين الخطاب الانتخابي والواقع السياسي المطبق.
الاعتراف ليس سهلًا!
«الحديث العلني عن الندم في صفوف مؤيدي ترامب، ليس بالأمر السهل، هكذا أكد «ويمبل» أن بالخطأ بمثابة خيانة شخصية وسياسية في نظر البعض، لذلك، فإن الوصول إلى تصريحات ندم علنية يتطلب وقتًا وجهدًا وتوثيقًا دقيقًا.
وأضاف: «رغم أن الحصول على هذه الشهادات مستحيلًا دائمًا، إلا أن مراسل أتلانتا جورنال كونستيتيوشن، لاوتارو جرينسبان، الذي نشر قصة عن زوجين أمريكيين من أصل أرجنتيني احتُجز ابنهما – الحاصل على إقامة قانونية – من قبل سلطات الهجرة، قال: «لم أكن بحاجة حتى لسؤالهم عن تصويتهم. لقد بادروا بالكلام من تلقاء أنفسهم»، موضحًا أن القصة انفجرت على الإنترنت، وكانت من بين أكثر القصص قراءة هذا العام.
أما الصحفي من صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، جاك هيلي، كشف في تقريره عن مدينة كينيت بولاية ميزوري، أن دعم «ترامب»، لا يتعارض دومًا مع التعاطف مع من تضرروا من سياساته، حيث أنه تحدث مع سكان أبدوا تأييدهم لترحيل مهاجرة تُدعى «كارول»، بينما وقف آخرون معها بشدة، بل وشعروا بأن المجتمع قد انقسم بسبب تلك الحادثة، رغم أنهم جميعًا صوتوا بالطريقة نفسها في الانتخابات.
حكايات الندم تجذب الجمهور.. ولكن لمن؟
هكذا اختتم «ويمبل» مقاله بعنوان جانبي قصص الندم تجذب الجمهور.. ولكن لمن!
وقال: إن معظم وسائل الإعلام التي غطت هذه القصص تخاطب جمهورًا يميل إلى اليسار، ما يفتح الباب أمام شعور وصفه بـ«الشماتة»، السياسية لدى البعض من القرّاء، ممن يرون في هذه القصص تأكيدًا لما كانوا يحذرون منه.
عبارة مثل: «لقد أخبرناكم بذلك»، تكررت كثيرًا على منصات التواصل الاجتماعي مثل إكس (X)، حيث علق أحد المستخدمين ساخرًا: «ناخب ترامب مصدوم من مدى وحشية ترامب، من كان يتوقع؟».
لكن في خضم هذه السخرية، تغيب الفكرة الأهم، وهي أن السياسة الأمريكية ليست دائمًا أبيض أو أسود، ولا يمكن حصر الولاءات فيها بمعادلة «مع أو ضد»، فكما أظهرت شهادات من مدينة كينيت، يمكن للناس أن يدعموا شخصًا سياسيًا، ثم يعارضوا بعضًا من قراراته، دون أن يُصنفوا خونة أو منافقين، «إنها السياسة الأمريكية في أكثر تجلياتها تعقيدًا وتناقضًا»، بحسب، إريك ويمبل