بعد أكثر من ثلاثة عقود على إعلان الوحدة اليمنية عام 1990، تبيّن فشل هذا المشروع الذي لم يُبنَ على أسس العدالة والمواطنة المتساوية، بل أصبح أداة للهيمنة وتهميش الجنوب، وهو ما أدى إلى حرب عام 1994 التي قضت على حلم الوحدة الطوعية وأعادت إنتاج السيطرة بالقوة.
اليوم، صار من الواضح أن السلام الحقيقي في اليمن لن يتحقق دون الاعتراف الكامل بقضية شعب الجنوب كقضية وطنية عادلة، لا يمكن تجاوزها بحلول جزئية أو ترقيعية. لقد عانى الجنوبيون من تهميش سياسي واقتصادي ممنهج، مما دفعهم للانتفاض في حراك سلمي منذ 2007 تطور إلى المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية ذات السيادة الكاملة.
الطريق نحو سلام عادل ومستدام يتطلب خارطة طريق تستند إلى:
الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره وفق القوانين الدولية، واستعادة دولته الحديثة بنظام فدرالي كما نص عليه الميثاق الوطني الجنوبي لعام 2023.
إقامة علاقة تعاون متكافئة بين دولتين جارتين، الجنوب واليمن، تقوم على حسن الجوار وتبادل المصالح دون تدخل في الشؤون الداخلية.
مواءمة المواقف الدولية والإقليمية مع تطلعات شعوب المنطقة، والابتعاد عن فرض حلول ترقيعية.
فترة انتقالية بقيادة مجلس رئاسي موحد (من 2 إلى 5 سنوات)، تُقسم خلالها الإدارة بين حكومة جنوبية في عدن تهتم بالخدمات والإعمار، وحكومة شمالية في تعز أو مأرب تُعنى بالتفاوض مع الحوثيين.
إعلان فك الارتباط الرسمي بين الدولتين بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، تحت إشراف دولي، وبصورة سلمية ومنظمة.
هذه التسوية لا تعني فقط فك ارتباط سياسي، بل تمهّد لإرساء استقرار إقليمي طويل الأمد، مع ضمان حق الجنوب المشروع في تقرير مصيره. وعلى المجتمع الدولي التحول من إدارة الأزمة إلى صناعة الحل، وإعطاء القضية الجنوبية الدور المحوري في أي تسوية شاملة.