ردفان لا تنسى رجالها... ولكن هل تذكّرهم القيادة؟"

الحقيقة نيوز / م.حسن اليافعي 
2025/05/20م

من واقع تجربة شخصية ومعايشة ميدانية، بعد أن نزلتُ من منطقة يافع إلى مديرية الحبيلين واستقر بي الحال هناك لعدة سنوات، أصبحت لي نظرة أوسع عن طبيعة الناس، ونضال الرجال، وتاريخ المناطق الجنوبية، خاصة في ردفان الشموخ والعزة، هذه المنطقة التي كانت وما زالت عنوانًا للتضحيات والرجال الصادقين.

أثناء فترة سكني في مدينة الحبيلين، تشرفت بالتعرف على كثير من أبناء ردفان الأحرار، رجال عرفتهم الميادين لا الشاشات، وخلدتهم المواقف لا المناصب. ومن بين أولئك الرجال، برز أمامي اسم لم يكن عاديًا، بل كان محفورًا في ذاكرة كل من عرف نضال الجنوب ومرحلته الصعبة، وهو المناضل الجسور عادل احمد حسان البكري  أحد أبناء جبال ردفان، من منطقة ظاهرة البكري.

هذا الرجل لم أتعرف عليه فقط من خلال الأحاديث اليومية، بل من خلال ما سمعته عن تاريخه من أناس عايشوه وشاركوه النضال، ومن خلال ما رأيته من تقدير الناس له، ومن خلال بحثي الشخصي في مسيرته التي تفرض على أي منصف أن يحترمها ويقف أمامها بإجلال.

المناضل عادل البكري ليس رجل شعارات، بل رجل مواقف، وقد كان من أوائل من فجّروا شرارة الحراك الجنوبي المسلح في ردفان، وواجهوا جبروت النظام السابق في أيامٍ كانت الدولة آنذاك تُحكم بالحديد والنار، والعساكر في كل زاوية وشارع. وقد أصيب في جبل الأحمرين خلال تلك المواجهات البطولية، وواصل نضاله رغم الإصابة التي كان يمكن أن توقفه، ولكنها زادته صلابة وإصرار.

وعندما اجتاحت مليشيات الحوثي الأراضي الجنوبية، كان المناضل عادل البكري في مقدمة صفوف المقاومين في جبهة بله، مشاركًا بروحه وجسده، رغم إصابته، ومقدمًا نموذجًا مشرفًا للفداء والتضحية.

وبعد انتهاء الحرب، تم تعيينه مديرًا لمكتب التربية والتعليم في ردفان، نظرًا لكونه أحد الكوادر التربوية فيها، وكانت فترة إدارته من أفضل الفترات التي شهدت فيها تربية ردفان تطورًا ملحوظًا، بفضل صدقه، وإخلاصه، وحرصه على بناء الأجيال. لكنه لم يستمر طويلًا، فقد تعرض للاستهداف والإقصاء بطريقة مؤلمة، وكأن العمل بإخلاص صار جريمة، وكأن الوفاء للوطن تهمة!

اليوم، لا نسمع عنه شيئًا، تم تهميشه وتغييبه عن المشهد، كما يحدث مع كثير من المخلصين الذين لا يجيدون النفاق ولا يسعون خلف المناصب، بل يؤمنون بالحق ويسيرون خلفه دون تردد.

من هذا المنبر، ومن واجب الوفاء والتقدير، نكتب هذه الرسالة، علّها تجد آذانًا صاغية وقلوبًا واعية، نُخاطب فيها كل من يهمه أمر الوطن والمناضلين، ونوجهها مباشرة إلى إدارة المجلس الانتقالي في ردفان ومحافظة لحج، بأن يُنصفوا هذا المناضل، وأمثاله من الأوفياء، وأن لا يُترَكوا على هامش الحياة، وهم من صنعوا أول فصول الكرامة الجنوبية.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024