الحرية الاعلامية المطلقة في الجنوب جعلت من منصات التواصل الاجتماعي بؤر للتفرقة والعنصرية ؟

الحقيقة نيوز / د. علي حسن الخريشي

لطالما تغنى الجنوب بحرية التعبير والإعلام، كونهما من الركائز الأساسية لأي مجتمع ديمقراطي يسعى للرقي والازدهار. غير أنه في الآونة الأخيرة، باتت هذه الحرية المطلقة سلاحًا ذا حدين، حيث استغلها البعض عن قصد أو غير قصد، ليحولوها إلى منابر لبث سموم التفرقة والعنصرية بين أبناء الجنوب الواحد.
فبدلاً من أن تكون الصحافة والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أدوات للتقارب والتآلف، ولنشر الوعي الإيجابي والأمر بالمعروف وكشف الفساد والظلم، أصبحت في كثير من الأحيان ساحات معركة كلامية، تغذيها أجندات سياسية معادية لا تريد الخير للجنوب واهله.
المؤسف أن بعض الصحفيين والإعلاميين، وحتى مشاهير السوشل ميديا الذين يمتلكون تأثيرًا واسعًا، وقعوا في فخ الفهم الخاطئ لحرية الإعلام. فهم يظنون أن هذه الحرية تعني الانفلات المطلق من أي مسؤولية مهنية أو أخلاقية، وأن لهم الحق في نشر أي محتوى دون التفكير في عواقبه الوخيمة على النسيج الاجتماعي.
لقد تحولت هذه المنابر إلى أدوات طيعة في يد السياسة، حيث يوجه المال بعض المشاهير والإعلاميين، فيميلون حيث مال، وينشرون ما يخدم مصالح قوى خارجية لا تضمر للجنوب وأهله إلا الشر.
إن ما نشاهده اليوم من خطابات كراهية، ونشر للأخبار المفبركة والشائعات المغرضة، والاستهزاء برموز وطنية، والعبث بمشاعر الناس، ليس إلا دليلًا واضحًا على هذا الانحدار الخطير في استخدام حرية الإعلام. لقد أصبح البعض يستخدم هذه المنابر كوقود لإشعال نار الفتنة والفوضى، وتقويض السلم المجتمعي الذي سعى الجنوبيون لتحقيقه بتضحيات جسيمة.
هنا، يبرز الدور الحيوي والمسؤول لهيئة الإعلام الوطني الجنوبي في عدن، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، لاتخاذ خطوات جادة وحاسمة لوضع حد لهذا الانفلات.
 إن إصدار قانون ينظم عمل الإعلام، ويوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الوطنية، لم يعد رفاهية بل ضرورة ملحة.
يجب أن يوضح هذا القانون حدود حرية الإعلام، ويجرم بشكل واضح نشر الأخبار الكاذبة والمفبركة، والتحريض على الكراهية والعنصرية، والاستهزاء بالرموز الوطنية، وكل ما يهدد السلم المجتمعي. يجب أن يتضمن القانون آليات واضحة لمحاسبة كل من يتجاوز هذه الحدود، سواء كان صحفيًا أو إعلاميًا أو من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
إن حماية حرية الإعلام الحقيقية تكمن في تنظيمها وضمان استخدامها بشكل مسؤول يخدم مصلحة الجنوب ويعزز وحدته وتماسكه، لا أن تتحول إلى أداة لتدميره من الداخل. لقد آن الأوان لوقف هذا العبث، والارتقاء بالخطاب الإعلامي نحو بناء مستقبل أفضل لأجيال الجنوب القادمة.
دعوة إلى:
 * الصحفيين والإعلاميين: مراجعة ميثاق الشرف المهني والتحلي بالمسؤولية والوطنية في نشر المحتوى.
 * مشاهير السوشل ميديا: إدراك حجم تأثيرهم واستخدامه في نشر الوعي الإيجابي والوحدة الوطنية.
 * مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي: التحقق من مصداقية الأخبار قبل نشرها وعدم الانسياق وراء خطابات الكراهية.
 * هيئة الإعلام الوطني والأجهزة الأمنية: الإسراع في إصدار وتفعيل قانون ينظم عمل الإعلام ويحمي المجتمع من الفوضى والتطرف.
إن مستقبل الجنوب ووحدته أغلى من أي حرية زائفة تستغل لتمزيق نسيجه الاجتماعي.

جميع الحقوق محفوظة لموقع الحقيقة نيوز © 2024