إعداد / فضل القطيبي
*مقدمة:*
منذ انطلاق عمليات التحالف العربي في اليمن عام 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تفاوتت مواقف وتفاعلات الأطراف اليمنية مع هذا التدخل، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي أو الشعبي. ويبرز في هذا السياق تباينٌ واضح بين القوات الجنوبية، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، والقوات الشمالية التي تمثلت في إطار "الشرعية" اليمنية السابقة بمكوناتها المختلفة. يهدف هذا التقرير إلى تقديم مقارنة موضوعية بين الطرفين في علاقتهما بالتحالف العربي، ومدى إسهام كلٍ منهما في تحقيق أهداف التدخل واستقرار المناطق المحررة.
*أولًا: الولاء والتنسيق مع التحالف العربي*
القوات الجنوبية أظهرت منذ البداية دعمًا واضحًا للتحالف العربي ، في تأسيس وتدريب التشكيلات الأمنية والعسكرية الجنوبية ، وتميزت هذه القوات بدرجة عالية من التنسيق الميداني، ما جعلها شريكًا موثوقًا في عمليات التحرير والتأمين.
في المقابل، ورغم إعلان القوات الشمالية تأييدها للتحالف في البداية، إلا أن الواقع الميداني كشف عن انقسامات داخلية عميقة، بل وتورط بعض قياداتها في تنسيق غير مباشر مع مليشيات الحوثي، خاصة خلال الانسحابات الغامضة من جبهات نهم والجوف ومأرب، ما تسبب في تراجع الثقة بها من قبل التحالف.
*ثانيًا: الأداء العسكري والميداني*
ساهمت القوات الجنوبية بفعالية في تحرير وتأمين محافظات عدن، لحج، الضالع، وأبين، وشاركت بقوة في جبهات الساحل الغربي والحديدة، ونجحت في تثبيت الأمن وفرض الاستقرار بدرجة كبيرة في معظم مناطق سيطرتها.
أما القوات الشمالية، فقد أخفقت في الحفاظ على مكاسبها الميدانية، رغم الدعم الجوي واللوجستي الكبير من التحالف. وسُجلت تراجعات ملحوظة في الجوف ونهم ومأرب، بينما بقيت جبهة تعز في حالة شلل نتيجة الصراعات الداخلية بين مكونات ما كان يُعرف بـ"الشرعية".
*ثالثًا: الخطاب الإعلامي والموقف السياسي*
حافظ المجلس الانتقالي الجنوبي على خطاب إعلامي وسياسي متزن، داعم للتحالف العربي، مع وجود انتقادات محدودة لبعض السياسات، دون التشكيك في أهمية التحالف كشريك رئيسي في استعادة الدولة الجنوبية وتحقيق الاستقرار.
في المقابل، شهدت الجبهة الإعلامية الشمالية صعود خطاب معادٍ للتحالف، خاصة من قبل أوساط حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين)، الذين اتهموا التحالف بإطالة أمد الحرب، والتدخل في القرار السيادي، ما أثّر سلبًا على وحدة الصف السياسي والعسكري.
*رابعًا: الإدارة الأمنية والخدمية في المناطق المحررة*
نجحت القوات الجنوبية، بدعم مباشر من التحالف، في تأسيس أجهزة أمنية فعالة، وأثبتت قدرة على ضبط الأمن في عدن وعدد من المحافظات، كما سعت لتفعيل مؤسسات الدولة رغم التحديات الاقتصادية والخدمية.
أما في الشمال، فقد فشلت القوات التابعة للشرعية السابقة في فرض الأمن، وظهرت الجماعات الخارجة عن القانون، واستمرت حالة الانفلات والانهيار المؤسساتي في معظم المناطق.
*خاتمة وتوصيات:*
تؤكد المقارنة أن القوات الجنوبية بقيادة المجلس الانتقالي أثبتت شراكة حقيقية مع التحالف العربي، وتميزت بالانضباط والفعالية الميدانية، واستطاعت الحفاظ على ثقة التحالف، وعلى مدار سنوات الحرب، برهنت القوات الجنوبية أنها الحليف الوحيد الصادق والملتزم بأهداف التحالف العربي، في حين فشلت القوات الشمالية في استثمار الدعم، وتورطت في إخفاقات سياسية وميدانية متكررة.
*توصيات:*
1. إعادة تقييم الشراكات العسكرية داخل اليمن، وفق معايير الانضباط والنتائج الميدانية، مع إعطاء الأولوية للقوى الفاعلة والمخلصة للتحالف.
2. تعزيز الدعم السياسي والعسكري واللوجستي للقوات الجنوبية، باعتبارها الحليف الحقيقي والموثوق لقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.
3. فتح تحقيقات شفافة حول أسباب الانهيارات العسكرية في الشمال، ومحاسبة القيادات المتورطة في التنسيق مع المليشيات الحوثية أو التي تسببت في تفكك الجبهات.