بقلم / فضل القطيبي
الاثنين الموافق ١٠/ ٣/ ٢٠٢٥م
منذ عام 1994، برز الرئيس القائد عيدروس الزبيدي كواحد من أبرز القادة الجنوبيين الذين حملوا على عاتقهم القضية الجنوبية، متنقلًا بين ميادين النضال العسكري والساحة السياسية. لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان شخصية مؤثرة ساهمت في إعادة تشكيل المشهد الجنوبي، بدءًا من مقاومة الاجتياح الشمالي للجنوب عام 1994، وصولًا إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي وقيادة المرحلة السياسية الراهنة.
ففي حرب صيف 1994، كان الزبيدي من بين المقاومين الجنوبيين الذين تصدوا لاجتياح الجنوب بعد فشل مشروع الوحدة بسبب السياسات الإقصائية التي اتبعتها القوى الشمالية. ومع سقوط عدن، استمر في النضال ولم يتخلَّ عن عنه، حيث عمل على إعادة تنظيم الصفوف الجنوبية استعدادًا لمرحلة جديدة من المقاومة.
في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، أسس الزبيدي حركة تقرير المصير (حتم)، التي كانت واحدة من أوائل الحركات المسلحة التي رفعت شعار استعادة الجنوب. ومع اندلاع الحرب في عام 2015، عاد إلى الميدان وقاد المقاومة الجنوبية في الضالع، حيث تمكن من تحقيق انتصارات حاسمة ضد ميليشيات الحوثي والقوات المتحالفة معها.
لم يكن دور الرئيس عيدروس الزبيدي عسكريًا فقط، بل ساهم في إعادة بناء القوات الجنوبية من خلال تشكيل وحدات عسكرية منظمة، أصبحت لاحقًا النواة للقوات المسلحة الجنوبية التي نراها اليوم.
بعد نجاح المقاومة في تحرير معظم مدن الجنوب، برزت الحاجة إلى قيادة سياسية قادرة على تمثيل الجنوب في المحافل الإقليمية والدولية. وهنا جاء دور الزبيدي في تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، حيث استطاع أن يحوّل النضال الجنوبي من عمل عسكري فقط إلى حركة سياسية ذات تأثير واسع حتى تمكن المجلس من تحقيق اعتراف إقليمي ودولي، لا سيما من خلال العلاقات الوثيقة مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، مما عزز من حضور القضية الجنوبية على الساحة الدولية.
لم تكن رحلة الزبيدي سهلة، فقد واجه تحديات عديدة، سواء من قوى داخلية تحاول تقويض مشروع الجنوب، أو من تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي. ورغم ذلك، تمكن من تحقيق مكاسب مهمة، أبرزها إدخال القضية الجنوبية في معادلة الحل السياسي لليمن، وهو ما كان غائبًا لسنوات طويلة.
وفي الختام نقوم بأنه منذ 1994 وحتى اليوم، ظل الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في قلب الأحداث، متنقلًا بين جبهات القتال والمفاوضات السياسية، ليصبح أحد الرموز الأبرز في تاريخ الجنوب الحديث. واليوم، مع استمرار الصراع في اليمن، يبقى السؤال الأهم: كيف سيوظف الزبيدي خبرته العسكرية والسياسية لضمان مستقبل الجنوب وتحقيق تطلعات شعبه؟